الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مقتل مودود بن توتكين صاحب الموصل في حرب الافرنج وولاية البرسقي مكانه. كان السلطان محمد قد أمر مودودا صاحب الموصل سنة خمس وخمسمائة بالمسير لقتال الإفرنج وأمده بسمقان القبطي صاحب ديار بكر وأرمينية واياكي وزنكي ابني برسق أمراء همدان وما جاورها والأمير أحمد بك أمير مراغة وأبو الهيجاء صاحب اربل والأمير أبو الغازي صاحب ماردين وبعث إليه أياز مكانه فسار إلى سنجار وفتحوا حصونا للإفرنج وحاصروا مدينة الرها فامتنعت عليهم وأقام الإفرنج على الفرات بعد أن طرقوا أعمال حلب فعاثوا فيها ثم حاصر العساكر الإسلامية قلعة ناشر فامتنعت ودخلوا إلى حلب فامتنع رضوان من لقائهم فعادوا ومات سقمان القبطي في دلاس فحمله أصحابه في تابوت إلى بلاده واعترضهم أبو الغازي بن أرتق ليأخذهم فهزموه ثم افترقت العساكر بمرض ابن برسق ومسير أحمد ابن صاحب مراغة إلى السلطان لطلب بلاد سقمان القبطي واجتمع قطلغتكين صاحب دمشق بمودود ونزل معه على نهر القاضي وسمع الإفرنج بافتراق العساكر فساروا إلى افامية وجاء السلطان ابن منقذ صاحب شيراز إلى مودود وقطلغتكين وحصرهما على الجهاد ونزلوا جميعا على شيراز ونزل الفرنج قبالهم ثم رأوا قوة المسلمين فعادوا إلى أفامية ثم سار مودود سنة ست إلى الرها وسروج فعاث في نواحيها فكسبه جوسكر صاحب تل ناشر في الإفرنج ونال منه ثم اجتمع المسلمون سنة سبع للجهاد باستنجاد قطلغتكين صاحب دمشق لمودود فاجتمع معه بمنزل صاحب سنجار وأياز بن الغازي وعبروا الفرات إلى قطلغتكين وقصدوا القدس فسار إليهم صاحبها بقزوين ومعه جوسكر صاحب تل ناشر على جيشه ونزلوا الاردن واقتتلوا قريبا من طبرية فانهزم الافرنج وقتل كثير منهم وغرق كثير في بحيرة طبرية ونهر الأردن وغنم المسلمون سوادهم ثم لقيهم عسكر طرابلس وإنطاكية من الفرنج فاستعانوا بهم وعادوا الحرب ونزلوا في جبل طبرية فحاصروها فيه المسلمون ثم ساروا فعاثوا في بلاد الإفرنج ما بين عكا إلى القدس ثم نزلوا دمشق وفرق مودود عساكره ووعدهم العود من قابل للجهاد ودخل دمشق ليستريح عند قطلغتكين فصلى الجمعة في الجامع فطعنه باطني فأثواه وهلك لآخر يومه واتهم قطلغتكين به وقتل الباطني من يومه ولما بلغ الخبر السلطان بقتل مودود ولي على الموصل وأعمالها أقسنقر البرسقي سنة ثماني وخمسمائة وبعث معه ابنه الملك مسعود في جيش كثيف وأمره بجهاد الإفرنج وكتب إلى الأمراء بطاعته فوصل إلى الموصل واجتمعت إليه عساكر النواحي فيهم عماد الدين زنكي بن أقسنقر ونمير صاحب سنجار وسار البرسقي إلى جزيرة ابن عمر فأطاعه نائب مودود بها ثم إلى ماردين فأطاعه أبو الغازي صاحبها وبعث معه إبنه أياز فسار إلى الرها فحاصرها شهرين ثم ضاقت الميرة على عسكره ثم رحل إلى شميشاط بعد أن خرب نواحي الرها وسروج وشمشاط وكانت مرعش للإفرنج هي وكسوم ورعيان وكان صاحبها كراسك واتفقت وفاته وملكت زوجته بعده فراسلت البرسقي بالطاعة وبعث إليها رسوله فأكرمته وأرجعته إلى البرسقي بالهدايا والطاعة وفر عنها كثير من الإفرنج إلى إنطاكية ثم قبض البرسقي على أياز بن أبي الغازي لإتهامه اياه في الطاعة فسار إليه أبو الغازي في العساكر وهزمه واستنقذ إبنه أياز من أسره كما ترى في أخبار دولة أبي الغازي وبنيه وبعث السلطان يهدده فوصل يده بقطلغتكين صاحب دمشق والفرنج وتحالفوا على التظاهر ورجع أبو الغازي إلى ديار بكر فسار إليه قزجان بن مراجا صاحب حمص وقد تفرق عنه أصحابه فظفر به وأسره وجاء قطلغتكين في عساكره وبعث إلى قزجان في إطلاقه فامتنع وهم بقتله فعاد عنه قطلغتكين إلى دمشق وكان قزجان قد بعث إلى السلطان بخبره وانتظر من يصل في قتله فأبطأ عليه فأطلق أبا الغازي بعد أن توثق منه بالحلف وأعطاه ابنه أياز رهينة ولما خرج سار إلى حلب وجمع التركمان وحاصر قزجان في طلب ابنه إلى أن جاءت عساكر السلطان.
|